نظريات مختلفة حول العولمة
إن أول تمهيد لفهم ما يسمى بالعولمة، هو الخروج من قالب الداخل، وإلقاء نظرة على الخارج. إن البشر والمجتمعات والمجموعات الاجتماعية في المحيط البيئي لحياة البشر تعيش في ظروف تجبرهم على أن يفهموا العالم والبيئة ليفهموا موقعهم وخصائصهم وليعرفوا خصالهم؛ عالمٌ وبيئةٌ يمنحان معنى لسير حياتهم. إن عالم القرن الحادي والعشرين عالمٌ، لا يستطيع أيُّ فرد أو مجتمع فيه أن يحاصر نفسه وينأى بنفسه عنه. بعبارة أخرى، إن ذات المجتمع أو المجموعة الاجتماعية تصبح ذات معنى ومفهوم بعلاقتها مع الكليات العامة في العالم. لقد خرجت جميع الهويات والمصالح والأمن والنشاطات الاقتصادية والصور والأفكار والفنون، من دائرة الحدود الجغرافية المغلقة، وأصبحت تظهر في مساحة باتساع العالم. وقد تسببت هذه الضرورة والوعي الجديد الذي ظهر عند أهل الفكر، في أن يتحول مصطلح ومفهوم العولمة في الكتابات وفي أدبيات العلوم الإنسانية والاجتماعية وحتى عند كثيرين من متخصصي العلوم الطبيعية، واحداً من أكثر المصطلحات استخداماً. وقد جاء هذا الكتاب في أربعة فصول، وهي على التوالي: العولمة كتحول تدريجي (النظريات الليبرالية)، والنظريات الواقعية ونقد العولمة، والرؤى الماركسية ونقد البعد الاستثماري للعولمة، ورؤى علم الاجتماع: العولمة كتحول لماهية العلاقات الاجتماعية.