التحقق من صحة الأحاديث الشيعية (البنى، والعمليات، والنتائج)

منذ قديم الزمن كانت قضية صحة الحديث ومعاييرها، من أهم القضايا التي ناقشها علماء الإمامية. في يومنا هذا زاد انتشار وجهات نظر تشكك في صحة الإطار العالم للحديث الشيعي، وتضخم المشاكل ومعضلات موضوع الحديث، من أهمية تلك القضايا.

يجادل من يتبنون تلك الآراء بان مشاكل حديث الشيعة، وخاصة قضية جعل وتزوير الحديث على يد الغلاة، تركت تأثيرا عظيماً على تراث حديث الشيعة، إذ لا يمكن تأييد الأحاديث بسهولة-وان كانت وثائق كثيرة تدعمها-.

إن قوة تقييم صحة الحديث، مؤسسة على تقييم السند وذلك وفقاً للتوثيق والتضعيف الوارد في المؤلفات الرجالية، والأفكار الشهيرة، غير انه إذا ما اقتفينا أثر تلك الأفكار تاريخياً، عندها لا يمكن اعتبار تلك الآراء بأفكار علماء الشيعة الأوائل. بغية معرفة أسلوب صحة الأحاديث عند القدماء، يجب إعادة قراءة كتبهم في الأطر التي ركز عليها المؤلفون، ولا يمكن تطبيق تلك المصطلحات والعبارات المستخدمة على أيديهم، كونها أساس أوضحتها فيما بعد مدرسة الحلة.

هذا الكتاب يمثل محاولة لتقديم منظومة ممنهجة في الرد على أسئلة تدور رحاها حول قضايا ذات صلة بالتأكد من صحة حديث الإمامية. إن بعض أهم القضايا التي وردت في هذا الكتاب هي كالتالي: معرفة مصادر علم الرجال عند الشيعة، وإعادة قراءة المفاهيم الجوهرية لعلم الرجال منها: الوثاقة، والضعف والغلو والأسباب الكامنة وراء ظهور كل منهما، الاهتمام بظاهرة الاستثناء في روايات كتب الحديث، والاهتمام بالدور المحوري لمؤلفات الحديث والتمييز بين الدور التابع للراوي أو استقلاله.

إن الرسالة الجوهرية لهذا الكتاب تتجلى في إعادة تقديم مبادئ ومكونات التأكد من صحة "محورية القرائن" في المقابل من أساس التأكد من صحة "محورية الراوي".