علم الكلام (1): التوحيد والصفات الإلهية

إن هذا الكتاب شرع  بالتعريف بمبادئ علم الكلام ثم تبعه بأهم المباحث الكلامية التي تمثلت بمسألة إثبات وجود الواجب بالبراهين المختلفة التي يعلم المتابعون للدراسات الفلسفية ولا سيما فلسفة الدين أن هذه القضية تشكل محوراً هاماً وما لم يتقنها الدارس في أول مشواره فإنّ تخرصات المتفلسفين قد توهن بعض الأفراد وتزلزل عقيدتهم بما تزرعه من شكوك وشبهات. ثم تتابعت الفصول في البحث عن التوحيد وأقسامه وأهمية هذا البحث تتضاعف إذا أخذنا بالاعتبار أن اغلب النزاعات والتناحر لم تحصل لو توفر للأمة فهم صحيح للتوحيد ولا سيما ما نشهده من التيار السلفي المتشدد في هذه المسألة. ثم توالت الفصول في بحوث الصفات الذاتية والفعلية بأقسامها المختلفة وعلى اختلاف النظريات التي عرضت من المصادر المعتمدة لدى معتنقيها وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤلف يعتمد أسلوباً مقارناً بين المذاهب الإسلامية بحيادية عالية. وهو ينطلق في بيانه للمذهب الإمامي الفكر الفلسفي الرائج في المشهد الإيراني الذي غلب فيه التصور الصدرائي والذي يعتبر العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي من أبرز أعلامه ولا سيما في تفسيره (الميزان) الذي تكرر الإرجاع إليه وإلى كتابات صدر الدين الشيرازي مؤسس هذا المنهج الفلسفي، وليس هذا ببدعة في الدراسات الكلامية فعند ازدهار الفلسفة المشائية لجأ إليها المتكلمون – بما يمليه عليهم المنهج الكلامي– إلى التمسك بالقواعد والبراهين الفلسفية خدمة للهدف الأقصى لهذا العلم وهو بيان العقائد الدينية والدفاع عنها.

والمترجم إذ يؤكد حاجة القارئ لهذا الكتاب إلى المعرفة ببعض مفاهيم الحكمة المتعالية يود التنويه إلى تلك الحاجة ليست بالكبيرة أو المستعصية. وكل ما يتمناه المترجم أن تكون هذه نقطة انطلاق بالقارئ العربي للتخلص من وهم موت الفلسفة الإسلامية بتهافت الغزالي وخرافة نهايتها مع ابن رشد فتلك تهمة أشاعها بعض المستشرقين وتسلّمها أتباعهم، فالذي يقرأ الفلسفة بانصاف يلحظ في المشرق الإسلامي فلسفة أصيلة تمثل مرحلة (ما بعد الرشدية) حاول بعض الباحثين - لاعتبارات مختلفة - تجاهلها لست بصدد الخوض فيها.