المرجئة: التكوين والأفكار

بعد رحيل النبي الأكرم صل الله عليه وسلم وفي القرون الإسلامية الأولى، شكّل مفهوم الإيمان منطلقاً للنقاشات الفكرية بين المسلمين. وأثارت أهمية هذا الموضوع، نظريات وآراء مختلفة ومتعددة في هذا المجال، نتيجة لهذا، ظهرت فرق وتيّارات كلامية متعددة حاملة أفكار خاصة بها، ومنها المرجئة. أسس هذه الفرقة حسن بن محمد الحنفية، في النصف الثاني من القرن الأول للهجرة في مدينة الكوفة، شرح وطوّر أفكاراً، أصبحت فيما بعد حجر الأساس في فكر المرجئة، وانتشرت نظريات ومعتقدات هذه الفرقة في كافة أنحاء المناطق الإسلامية، وسار على دربها أتباع وأنصار كثر. الإيمان في هذه الفكرة، مستقل عن الإيمان، وليس إلا الإقرار اللساني أو التصديق القلبي أو مجموع الاثنين، ومن تعاليمها عدم التعبير عن حكم مرتكب الكبائر، وإقامة الجماعة بإمامة أي إمام وحاكم-وإن كان ظالماً-وإتباعهم بغية الحفاظ على الوحدة الإسلامية، هذه المقاربات انتهت إلى تحول البعض إلى هذه الفرقة، الذين كانوا يتهربون من الشريعة والعمل باركان الدين، وفي نفس الوقت كان يدّعون الإيمان في قلوبهم. إن الحكام الظالمين والفاسقين في المجتمعات الإسلامية وبغية الحفاظ على الحكم والسلطة، قاموا بنشرها والدفاع عنها، لما رأوا فيها من منافع لهم، غير أن هذه المعتقدات الباطلة والعبثية، لم تخف عن الأئمة الأطهار، فقاموا بالرد عليها ونهوا المسلمين من تبني هذه المعتقدات. تراجعت وانتهت حياة هذه الفرقة في القرن الثالث، غير أن بعض أفكارها ومعتقداتها لم تمحُ ودخلت ثنايا معتقدات الفرق الأخرى، واستمرت إلى يومنا هذا.